التوازن الطبيعي بين أوميجا-3 وأوميجا-6
منذ ما يقارب الخمسة ملايين عام، وحيث كان غذاء الإنسان يعتمد بشكل رئيسي على الأغذية البحرية والغنية بالأوميجا 3 وبشكل قليل على زيوت البذور النباتية الغنية بأوميجا 6، أظهرت بحوث علم الإنسان أن الإنسان الصياد القديم كان يستهلك الأوميجا 3 والأوميجا 6 بنفس النسبة (1:1)، بل وحتى الصياد الحديث استهلكها بنفس النسبة. إلا أن هذه النسبة بدأت بالتغير مع ظهور الثورة الصناعية الحديثة منذ 140 عام والتي ساهمت في ظهور صناعات الزيوت النباتية الغنية بالأوميجا 6 كمصدر غذائي مهم للإنسان المعاصر. وهنا تفسر هذه الثورة ظهور أمراض القلب والسكري والسرطانات حتى أصبحت بمقام الأوبئة مع بدء استهلاك للأوميجا 6 مرتفع مقابل الأوميجا 3 حتى أظهرت بعض الدراسات نسبة استهلاك (25:1) لصالح الأوميجا 6 في القرن الحادي والعشرين في بعض الدول المتقدمة!
إن التوازن بين نسبة أوميجا 3 وأوميجا 6 يساعد أغشية الخلايا على تطوير المرونة المناسبة لحمل الرسائل بين الخلايا العصبية، وهذا هو العامل الحاسم لجسد وعقل أفضل، كما أن لها تأثير عميق على استجابة الجسم المناسبة للالتهابات والأمراض. فقد أشارت نتائج عدد من الدراسات العلمية أن أحماض أوميغا 3 تسهم في تحديد وتقييد أعراض الاتهابات، في حين أوميجا 6 والدهون المشبعة تعطي مجموعة من الاستجابات الالتهابية كما أنها تضخم مقدار الحساسية والذي بدوره يحفز دور الجهاز المناعي على المساعدة في التسبب في الأمراض وخاصة الأمراض المناعية.
لذا فالواجب علينا أن نتيقظ لكمية الأوميجا 6 التي نتناولها يوميًا لنتحصل على وظائف مناعية سليمة وجهاز عصبي مرن وقلب حديدي.
فيما يلي جدول يوضح نسب كل من الأوميجا 3 و 6 في بعض الزيوت.
إن كمية الأوميجا 6 التي نتناولها تحدد كمية الأوميجا 3 النباتية التي يستفيد منها الجسم، فكلا المركبين يخضعان ويتنافسان على نفس الأنزيم في الكبد، لذلك فإن تجاوز النسبة المسموح بها يوميا من الأوميجا 6 يؤثر سلبا على كمية الأوميجا 3 المستفاد منها في الجسم وبالعكس.
والجدير بالذكر هنا أيضا ، أن شركات الأدوية تعلم جيدا دور الأوميجا 6 في استثارة الالتهابات في الجسم. وفي الحقيقة، جميع الأدوية المضادة للالتهاب مثل البروفين والديكلوفين وغيرها تعمل عن طريق تثبيط تحويل الأوميجا 6 إلى مركبات محفزة على الالتهابات، وهم لا يريدون أن يعلم المستهلك هذه الحقيقة، لأنه بكل بساطة يمكننا الحد من مثل هذه الالتهابات (المفاصل والروماتيزم وغيرها…) عن طريق تقليل كمية الأوميجا 6 المستهلكة إلى الحد الأدنى.
الموت والزيوت النباتية
فما هي النتائج المترتبة على صحة الإنسان نتيجة ارتفاع نسبة الأوميجا 6 إلى أوميجا 3 خمس وعشرين مرة (1:25)؟
الجواب القصير هو أن ارتفاع أوميغا 6 المتناول يرتبط مع زيادة في جميع الأمراض الالتهابية – وهو ما يعني جميع الأمراض تقريبا. وتضم القائمة (ولكن ليس على سبيل الحصر):
أمراض القلب والأوعية الدموية، داء السكري من النوع 2، السمنة المفرطة، متلازمة الأيض، متلازمة القولون العصبي ومرض التهاب الأمعاء، الضمور البقعي، التهاب المفاصل الروماتويدي، الربو، السرطان، الاضطرابات النفسية، وأمراض المناعة الذاتية.
من ناحية أخرى، أظهرت العديد من الدراسات السريرية أن خفض نسبة أوميغا 6 إلى أوميغا 3 يحمي من الأمراض المزمنة، التنكسية. وأظهرت إحدى الدراسات أن استبدال زيت الذرة بزيت الزيتون وزيت الكانولا للوصول إلى نسبة أوميغا 6 إلى أوميغا 3 (1:4) أدى إلى انخفاض 70٪ في مجموع الوفيات الكلية.
علّق